كلمة السيد رئيس مجلس النواب في المؤتمر
بسم الله الرحمن الرحيم

ايتها السيدات الفاضلات
ايها السادة الافاضل

اسمحوا لي ان احيي مؤتمركم الموقر هذا نيابة عن زملائي ممثلي الشعب واصالة عن نفسي متمنيا لكم التوفيق الكامل في بلوغ اهدافكم المبتغاة خدمة لوطننا الغالي وشعبنا العزيز.
لقد حبا الله الكريم الوهاب وطننا بخير النعم، بارض خصبة معطاءة ونهرين عظيمين، كانا سببا موضوعيا اساسيا في تبوء ابناء الرافدين منذ حضاراتنا الاولى مركز الريادة في فنون الزراعة ونظم الري، مما افادت منه شعوب الارض الاخرى لاستخراج كنوز الارض لاشباع الحاجات الانسانية الاساسية، وينأى بالانسان عن الجوع وحياة الغاب.
وفي تلك العناصر الاساسية الثلاثة: الارض والماء والريادة في الزراعة، تكمن قدرة العراق على تحقيق الامن الغذائي لمواطنيه والاكتفاء الذاتي بما تنتجه ارضه وسواعد ابنائه من الفلاحين والمزارعين، كما تكمن قدرته تحويل الزراعة الى نفط دائم حقيقي والابتعاد عن اعتماد النفط الناضب حتما ذات يوم ، مرتكزا اساسا في توفير الموارد المالية للتطوير والنمو والرخاء والحياة الكريمة.
لكن ما يدعو للاسف والحزن معا ان توجها علميا حقيقيا وبرنامجا عمليا رصينا لم يتوفرا طيلة السنوات الثمانين من عمر دولة العراق الحديثة للافادة من العناصر الاساسية الثلاثة مما جعل سلة غذائنا تعتمد بشكل او بآخر على الاستيراد الذي يعني في ما يعنيه انه واحد من اهم عوامل اضعاف الامن الوطني والقرار الوطني المستقل فقوة القرار والامن تتأتى في المقام الاول من قوة الامن الاقتصادي والغذائي، وليست ببعيدة عنا وقائع رضوخ قوى دولية كبرى لارادات قوى دولية مناوئة لها في السياسة وفي الاقتصاد، بسبب اهتراء امنها الغذائي وارتهان سلة غذاء مواطنيها باستيراد مفرداتها الاساسية من القوى المناوئة.
سيداتي الكريمات
سادتي الاكارم
ان المؤسستين التشريعية والتنفيذية مطالبتان الان اكثر من اي زمن مضى بتحقيق ثورة زراعية حقيقية تعيد الخصب لارضنا، وتقيها خراب التصحر والموات، وتستولدها عطاء يكفل لوطننا الاكتفاء الذاتي، بيد ان هاتين المؤسستين لن تحققا ثورة كبيرة مثل هذه ان لم يعد للفلاح عشقه للارض وان لم تتأمن له الظروف الموضوعية والعلمية التي تهيئ له اسباب النجاح، ولذا فان جميع الكفاءات العراقية الان، في الداخل وفي الخارج، ملزمة وطنيا وشرعيا بوضع خبراتها في خدمة الهدف الاسمى وهو احياء ارضنا من شبه موتها.
وان سعيا مثل هذا يتطلب ضمن مايتطلب معالجة العوائق والتحديات التي تواجه قطاع الزراعة، والتي تتركز فى محدودية مصادر المياه الواصلة الى الاراضي الزراعية القائمة والاراضي التي يمكن استصلاحها مستقبلا وعدم كفاءة استخدامها، وتفتت الملكيات الزراعية ، وتحول اصحابها الى مهن اخرى لتوفير قدرة معيشية افضل بعد ان كسدت صناعة الغذاء الوطني وصارت المواد الغذائية تنافس قريناتها العراقية في النوعية والاسعار ، ومعالجة ندرة العمالة المُدربة، وعدم توافر البيانات والمعلومات الدقيقة وتراجع دور التعاونيات الزراعية.
إن الأمر يتطلب إعداد استراتيجية تتمثل في الاستخدام الأمثل للموارد المائية بترشيد استخدامات المياه في الزراعة، ومراجعة السياسات الحالية الخاصة بحماية التربة ومياه الري من التلوث، وتطوير برامج ونظم التعليم الزراعي الجامعي وماقبل الجامعي ودعم البحث العلمي والاستخدام الأمثل للمُخلفات الزراعية والمحافظة على البيئة، ودعم التعاون مع دول حوض الرافدين بإقامة المشروعات المشتركة التي تخدم أهداف الجميع ، والتأمين الكامل للاحتياجات الآمنة من الغذاء (المخزون الاستراتيجي) على المستوى الوطني والأسري وتنمية الموارد البشرية الزراعية بالاهتمام بمراكز التدريب وتطويرها لإعداد الكوادر الفنية القادرة على النهوض بالزراعة، وتوفير فرص عمل جديدة ومنتجة في قطاع الزراعة أو الأنشطة الريفية المُرتبطة به، والاهتمام بالتنمية الريفية المُتكاملة التي تكفل تهيئة الظروف لتحسن مستوى المعيشة الريفية وزيادة قدرات الفلاحين والمزارعين الذاتية على المُشاركة فى عملية التنمية الزراعية مع تطوير ودعم المؤسسات الزراعية والريفية الاهلية لتقوم بدور فعال في تنمية الريف ونقله من واقعه البدائي المتخلف الى واقع افضل.
كما يستلزم الامر برنامجا علميا لحماية وتطوير البذور العراقية وخطة حمائية من بعض مخاطر البذور المستوردة على نوع المنتوج الزراعي وديمومة خصب الارض، ووضع شبكة مواصلات سريعة وامينة للمناطق الزراعية، والاستفادة القصوى من المياه الجوفية باستخدام التقنيات الحديثة الخاصة بالاستشعار والاكتشاف والاستخراج.
ومن الثابت ان اي عمل كبير في هذا المضمار لن يكتب له اي نجاح ان لم تتوفر له فلسفة واضحة محددة معروفة ومفهومة من جميع قوى الانتاج الزراعي، وتتضمن محفزات للفلاحين والمزراعين وتسهيلات مالية وقروض تعينهم على تطوير ادواتهم واستخدام المكننة الحديثة في جميع مراحل الانتاج الزراعي، وبرامج للارشاد الزراعي ومواكبة التطورات الحاصلة في العالم المتقدم.
ايتها الاخوات
ايها الاخوة
اكرر مرة اخرى تمنياتي لمؤتمركم بالتوفيق والسداد خدمة لوطننا وشعبنا ومستقبل اجيالنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته