كلمة ممثل فخامة رئيس الجمهورية خلال افتتاح مؤتمر الكفاءات و الخبرات العراقية في المهجر

بسم الله الرحمن الرحيم

السيدات والسادة الافاضل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احيي مؤتمركم الموقر الذي ينعقد في بغداد، عاصمة بلادنا التي ظلت على امتداد الاف السنين مصدرا للعطاء المعرفي والعلمي والثقافي ، وفيها ارسيت اسس الشرائع الاولى ، وساهم علمائها على امتداد القرون والازمنة في رفد الحضارة البشرية باسهاماتهم في شتى حقول المعرفة.

وقد بلغ علماء العراق ذرى سامقة ما برحت تسجل لهم بمداد الفخر ، رغم انهم واجهو في عدد من مراحل التاريخ فترات عصيبة كانت تحارب فيها الكلمة ويحجر على الفكر، ويقيد البحث . وهذا ماكان يضطر العلماء والباحثين العراقيين الى الهجرة ، طلبا لملاذ يوفر لهم فرصة البقاء على قيد الحياة ، ومواصلة جهدهم المعرفي والبحثي وبسبب الطغيان ، ثم بفعل الاوضاع الامنية الصعبة وتشتت الكوادر العراقية في بقاع العالم ، لكنها ظلت وفية للارض التي انجبتها، وكان علماؤنا الذين يحاضرون في افضل الجامعات والمعاهد العلمية مفخرة لبلادنا.

وبيد ان العراق اليوم بامس الحاجة الى عطائكم ومواهبكم وخبرتكم المتراكمة وان حضوركم اليوم في هذه القاعة لهو دليل اصالة وحرص على التواصل مع زملائكم الذين يواصلون العمل بجد ومثابرة في العراق رغم الظروف الصعبة التي مروا بها.

ايتها الاخوات ايها الاخوة

ان بلادنا تمر بمنعطف انتقالي خطير وحساس في تاريخها، وقد تغلبت على صعاب كثيرة وتفادت مخاطر الاحتراب الاهلي وتمكنت من ترسيخ اهم ركائز المجتمع الديمقراطي، متمثلة بالدستور، وفصل السلطات، واشاعة الحريات، والشروع في اعادة الاعمار، والنهوض بالاقتصاد.

ولكن ذلك لايعني اننا تجاوزنا كل المنعطفات الصعبة ، اذ ما زال علينا ان نشيع ونرسخ القيم التي ارسيت في الدستور، ومنها مبدا الدولة الاتحادية ، والاقرار بان هذه الدولة تزداد مناعة بقوة مكوناتها ، وان كلا من تلك المكونات يغدوا اقوى واكثر رسوخا بقوة الدولة الاتحادية. وهذه الدولة هي في واقع الحال انعكاس وتجسيد لواقع التعدد الموجود في بلادنا.

ان العلم الذي يتوخى دوما الموضوعية والطموح الى المعرفة لا ينحاز الى طائفة او دين او قومية، ومن هنا فان عملكم العلمي يغدوا اسهاما في تعزيز البناء الاتحادي وتجسيد مناقبه وافضلياته.

ان بوسعكم الاسهام بقسط وافر في اعادة بناء الدولة والنهوض باقتصادها، وعلى الدولة في المقابل ان توفر للعلماء والباحثين كل الظروف للعمل والحياة والابداع، وهذا لايقتصر على تامين امان السلامة الشخصية او السكن، بل يشمل توفير المختبرات ووسائل البحث والنشر وعقد الندوات العلمية وحرية الوصول الى المعلومات وتبادلها، وقبل كل ذلك ادراك اجهزة الدولة لاهمية العلم والبحث العلمي, ودور الكفاءات بوصفها محركات بالغة الاهمية في اعمال العراق الجديد.

اتمنى من كل قلبي النجاح لمؤتمركم والتوفيق لكل المشاركين فيه,والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أخوكم المخلص

جلال الطلباني

رئيس جمهورية العراق